منتديات ميسان أونلاين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    فينيسيا ألقاهرة

    علي كاظم الربيعي
    علي كاظم الربيعي


    المساهمات : 304
    تاريخ التسجيل : 15/05/2011

    فينيسيا ألقاهرة  Empty فينيسيا ألقاهرة

    مُساهمة  علي كاظم الربيعي الجمعة مايو 20, 2011 9:50 am





    فينيسيا القاهرة




    كان بمصر العديد من البرك المائية
    العذبة التي اصطفت حولها المنازل من كل الاتجاهات في تناسق وتناغم جميل، جعل
    القاهرة تبدو وكأنها جزء من مدينة فينسيا.. وإن كان لم يعد لها وجود الآن بعد ردم
    تلك البرك وتحويلها إلى شوارع وحدائق.
    تعد بركة الفيل من أقدم برك القاهرة
    ذكرًا في التاريخ، وقد دار العديد من الآراء حول سبب تسمية البركة بهذا الاسم،
    فهناك رأي ينسبها إلى رجل اسمه الفيل كان أحد أصحاب أحمد بن طولون، وهناك رأي ثانٍ
    ينسبها إلى دار الفيلة التي كانت واقعة على حافة البركة، وهناك رأي ثالث يذكر أنها
    عرفت ببركة الفيل لأنه كان يسبح فيها فيل كبير يخرج الناس لرؤيته.
    وكانت بركة الفيل تقع فيما بين
    الفسطاط والقاهرة، وكانت مساحتها في العصر الفاطمي كبيرة جدًّا، وفي العصر
    المملوكي كانت مساحتها تقدر بنحو أربعين فدانًا، وتقلصت مساحتها مع الزمن.
    وكانت بركة الفيل تغذَّى بالماء في
    العصر المملوكي من موضعين؛ الأول من ناحية الجسر الأعظم تجاه الكبش عن طريق مجرى
    مائي مغطَّى بمجاديل حجرية، والموضع الآخر عن طريق قبو يتصل بالخليج الكبير، كان
    أصله قنطرة تعرف بـ "المجنونة"؛ حيث ينساب الماء من الخليج ليملأ البركة
    التي كانت منخفضة بشدة وبسرعة مجنونة. وقد بدأ البناء حول البركة من بداية القرن
    7هـ/13م ثم اقتطعت منها مساحات وتوالى البناء عليها طوال العصرين المملوكي
    والعثماني، كما بنى عليها الخديوي عباس حلمي الأول سراي ذات حديقة كبيرة والتي
    عرفت "بسراي الحلمية". وفي عام 1894 قسمت أرض الحديقة، وفي عام 1902 هدمت السراي وقسمت أراضيها
    أيضًا، وبيعت جميع القطع وأقيمت عليها عمارات حديثة تعرف بين أخطاط القاهرة بالحلمية
    الجديدة.
    أما (( بركة الأزبكية )) من أعظم
    البرك مساحة في العصرين المملوكي والعثماني وأكثرها ارتباطاً بالتنزه ومظاهره، ويمثل
    موضعها الآن حديقة الأزبكية وما حولها، فقد تعرضت للعديد من المحن حتى جاء الأمير
    أزبك وقام بإصلاح البركة وحفرها، كما يرجع إليه الفضل في إقامة العمارة الكبرى حولها،
    تلك العمارة التي خلدت اسمه بخلود مدينة القاهرة، وجعلت الأزبكية من أهم البقاع
    وأنزهها في بقية العصر المملوكي والعصر العثماني وعصر أسرة محمد علي. وظلت
    الأزبكية لوقتنا الحاضر من أهم أحياء القاهرة وقلبها النابض بالحياة والحركة
    والتجارة. وقد قدرت مساحة البركة في العصر المملوكي بـ 60 فداناً، واستمرت كذلك في
    العصر العثماني. وظلت البركة قائمة حتى أيام الخديوي إسماعيل؛ حيث بدأ تنظيمها
    وتحويلها إلى حديقة كبيرة وإنشاء المسارح والملاهي بها، وشق الطرق الحديثة حولها،
    وإزالة الترب والكثير من الحارات والبيوت والمنشآت الأخرى على النمط الأوروبي.
    قد يندهش بعضهم عندما نقول إنَّ شارع
    بورسعيد الآن كان جزءًا من تلك اللوحة الفنية الجميلة؛ فقد كان مجرى مائيًّا تم
    ردمه بعد انتشار الأمراض والأوبئة؛ نتيجة عدم الاهتمام به، وإلقاء القاذورات
    والمخلفات فيه، وبالفعل ردم وسير به خط ترام .. عرف هذا المجرى بالخليج المصري.
    وقد اشتهر الخليج المصري في فتراتزمنية مختلفة بعدة أسماء منها "خليج مصر" أو "خليج الفسطاط الذي حفره عمرو بن العاص والي مصر ليصل
    النيل بالبحر الأحمر لحمل المؤن والزاد إلى الحجاز بصفة دائمة، فتم حفر هذا الخليج
    عام 23هـ/644م، وكان فم الخليج عندما بدأ عمرو في حفره يقع في نقطة تلاقي أول شارع
    نوبار بشارع الخليج المصري "بورسعيد" بالسيدة زينب ثم يسير شمالاً
    مخترقًا ميدان باب الخلق فميدان باب الشعرية والظاهر والمطرية وعين شمس، هذا في
    حدود مدينة القاهرة، ثم وادي الطميلات حيث الخصوص والخانكة بمحافظة القليوبية ثم
    إلى أبي زعبل والعباسة بمحافظة الشرقية ثم إلى الإسماعيلية حيث ينكسر جنوباً إلى
    بحيرة التمساح ويخترق البحيرات المرة حتى ينتهي جنوباً لخليج السويس عند مدينة
    السويس، وبمرور الزمن أصبح الخليج ينتهي عند أبو زعبل بعد حفر ترعة الإسماعيلية في
    عهد الخديوي إسماعيل.
    يبلغ طول الخليج بحدود مدينة القاهرة
    الكبرى 46.20كم، ويبلغ عرضه من خمسة إلى خمسة عشر مترًا، وكان ارتفاع الماء به
    أيام الفيضان يصل إلى ستة أمتار وعشرين سنتيمتر، ولم يكن للخليج رصيف إذ إنَّ
    المنازل المطلة عليه تكون غاطسة في الماء. وقد اهتم بهذا الخليج العديد من كبار
    السلاطين منهم السلطان برسباي والسلطان قايتباي والسلطان الغوري، ويبدو أن الخليج
    في أواخر العصر العثماني لم يتم تنظيفه بصورة مرضية؛ نظرًا للفساد الإداري الذي كان
    يسود نظام الحكم في ذلك الوقت، وكان تراكم الطمي يمنع جريان الماء في الخليج مما
    يعوق الملاحة به، فإذا اشتد بادر الولاة بحفر الخليج. وكان الأهالي هم الذين
    يتحملون النفقة، ونظرًا لتلوث الخليج وعدم المحافظة على نظافته، وقيام شركات توصيل
    المياه إلى المنازل فقد تم ردم الخليج فيما بين عامي 1896، 1898 بعد تاريخ طويل
    حافل.












      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 3:55 am