منتديات ميسان أونلاين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    العالم العراقي الميساني الدكتور عبد الجبار عبد ألله / بقلم الدكتور جمال العتابي

    علي كاظم الربيعي
    علي كاظم الربيعي


    المساهمات : 304
    تاريخ التسجيل : 15/05/2011

    العالم العراقي الميساني الدكتور عبد الجبار عبد ألله / بقلم الدكتور جمال العتابي Empty العالم العراقي الميساني الدكتور عبد الجبار عبد ألله / بقلم الدكتور جمال العتابي

    مُساهمة  علي كاظم الربيعي السبت مايو 28, 2011 12:57 pm

    العالم العراقي الميساني الدكتور عبد الجبار عبد ألله / د جمال العتابي
    =============================================================


    راجعنا مؤسسات ودوائر عديدة بدأت بمديرية التقاعد العامة، املاً في الحصول على ملفته الوظيفية بعد احالته على التقاعد، والتي لم نجد لها اثراً في تلك المديرية، أو في رئاسة جامعة بغداد، أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كما لم نجد لها من أثر في كليتي التربية (ابن الهيثم، ابن رشد) رغم عمله الطويل في تلك المؤسسات.. بهذه المرارة والخيبة، تحدث الدكتور ستار نوري العبودي وهو يستعرض سيرة حياة العالم العراقي عبد الجبار عبد الله في كتابه) سفير العراق العلمي). يقع الكتاب في أربعة فصول ابتدأها بالمراحل المبكرة من حياة عبد الجبار عبد الله، ثم دراسته الجامعية وحياته الوظيفية الأولى، ودراسته العليا، واختتمه بانجازاته العلمية ومواقفه الوطنية. وحرص المؤلف على تعزيز معلوماته بالصور والوثائق والشهادات التي تخص الدكتور عبد الله، ومن المؤسف جداً، ان يطبع الكتاب بطريقة (الاستنساخ) فضيع ملامح العديد من الصور والوثائق النادرة، التي بذل المؤلف جهداً استثنائياً في جمعها واعدادها، يستحق عليه الثناء والتقدير.المراحل المبكرة ولد عبد الجبار عبد الله في مدينة قلعة صالح (محافظة العمارة) عام 1911، في بيت رئاسة دينية للطائفة المندائية، فوالده الشيخ عبد الله كان الرئيس الروحاني الأعلى للطائفة في العراق والعالم. والدته السيدة (نوفه رومي الناشيء) وهي من عائلة معروفة بين ابناء طائفتها، شقيقها غضبان الرومي، المثقف والسياسي المعروف، اما زوجه فهي السيدة (قسمة الشيخ عنيس الفياض) والدها أحد الصاغة المشهورين عاش عبد الجبار في كنف اسرة فقيرة، عانت من شظف العيش، وانعكست تلك المعاناة على صباه، يتذكرها بالقول: كنت ارتدي الثياب الصيفية في الشتاء، والتجوال حافي القدمين في سنوات طفولتي الأولى.أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة قلعة صالح، التي تعد أول مدرسة ابتدائية تؤسس في (لواء) العمارة. دخل المدرسة عام 1918 وتخرج فيها عام 1925. واكمل دراسته الاعدادية في (الثانوية المركزية) ببغداد عام 1930، متفوقاً على زملائه في النتائج الامتحانية، وتشير بطاقة درجاته الامتحانية إلى ميل واضح لديه للدروس العلمية خاصة في مادتي الرياضيات والفيزياء. إلى جانب ذلك اظهر عبد الجبار عبد الله ميلاً آخر للموروث الثقافي لديانته. وحرصه على حفظ نصوص تعاليمها وتراتيلها منذ الصغر. إلى جانب قراءاته للأدب العربي بصورة عامة، والشعر بصورة خاصة، وكان شغوفاً بالشعر الجاهلي. وحين اتسعت مداركه ازداد تعلقه وشغفه بالكتاب والمعرفة، فقرأ الفلسفة والتاريخ إلى جانب المصادر العلمية المختلفة لا سيما تلك التي تتعلق باختصاصه العلمي. وكان يوصي اصدقاءه بقراءة شعر أبي العلاء المعري، والمتنبي، وابي تمام، وابي نواس، على ان شاعره المفضل كان الشاعر الكبير الجواهري. ولذلك لم يكن من باب المصادفة ان نجد بين مقتنيات مكتبة عالم فيزيائي كبير كتباً في الأدب العربي، أو معاجم للغة. كما يروي اصدقاؤه، وزملاؤه، وابناء عائلته، الذين يؤكدون انه كان شاعراً ومثقفاً واعياً بأهمية التراث العربي، ومما يؤكد ذلك، قراءته المستمرة للتاريخ بشكل عام والتاريخ الإسلامي بشكل خاص. كما يعني أيضاً تعدد وتنوع مصادر ثقافته العلمية والانسانية، فضلاً عن حرصه على تعلم اللغات غير العربية.ان سعة مداركه الثقافية، وموهبته النادرة، وذكاءه الحاد، عمقت وعيه وأهلته لأن يتبوأ بجدارة منزلة العلماء، باعتراف العالم أجمع بعبقريته المتميزة. تجاوزت ابحاثه ونظرياته الثلاثين نظرية، اشرف على العديد من الدراسات الأكاديمية العليا في أميركا أو غيرها من البلدان حتى آخر أيام حياته. دخل اسمه أكبر المعاجم العلمية في العالم. واحتل مكانته الطبيعية بين مشاهير العلماء المرموقين في العالم.دراسته الجامعية وحياته الوظيفية الأولى عرف عنه تفوقه بين زملائه في الاعدادية المركزية، ولعل ذلك كان سبباً وراء ترشيحه إلى بعثة دراسية خارج العراق. وقد شملت البعثات ستة وعشرين طالباً، من بينهم عبد الجبار عبد الله إلى الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1930، وتخصص في علم الفيزياء مثلت بيروت والجامعة الأمريكية، محطة جديدة ومهمة في حياته، إذ اسهمت بصورة فاعلة في بلورة شخصيته الثقافية والعلمية التي برزت بوضوح بعد تخرجه في تلك الجامعة. وشهد عام 1930 تأسيس أول جمعية طلابية عراقية خارج العراق. ضمت عبد الفتاح إبراهيم ومحمد حديد وعلي حيدر سليمان إلى جانب عبد الجبار عبد الله. وكانت الجمعية النواة الأولى لجمعية (الرابطة) الثقافية التي تشكلت في بغداد، فيما بعد، والتي لعبت دوراً ثقافياً وطنياً وديمقراطياً وقومياً خلال الأربعينيات من القرن الماضي. واصدرت مجلة (الرابطة) التي شغل فيها عبد الله مسؤولية (سكرتير التحرير) منذ صدور عددها الأول عام 1944 .
    ومن المفارقات، ان يعود عبد الجبار لوطنه بعد تخرجه في الجامعة عام 1934 ليعين مدرساً للغة الانكليزية في المتوسطة الشرقية ببغداد، بعيداً عن اختصاصه الذي شغف به فقرر العودة إلى مدينة العمارة ثانية والعمل في ثانويتها كمدرس للرياضيات والفيزياء. حتى عام 1938، إذ ينتقل إلى وظيفة جديدة في الانواء الجوية بمطار البصرة.وعلى الرغم من ان وظيفته هذه ابعدته عن زملائه من رواد الثقافة والفكر السياسي الوطني فانحسرت نشاطاته الثقافية العامة، الا انه عاد مجدداً لنشر مقالاته العلمية في مجلة (التفيض) البغدادية، فقد نشر مقالته العلمية الأولى تحت عنوان (مبادئ النظرية النسبية من بطليموس إلى انشتاين) ويبدو انه اكتسب خلال هذه المدة عضوية الجمعية الانكليزية للانواء الجوية، كما منحته احدى الجامعات الانكليزية شهادة عليا في الانواء الجوية عن طريق المراسلة.وفي مرحلة مضطربة من تاريخ العراق في اثناء الحرب العالمية الثانية. وضمن حملات التعبئة العسكرية التي اقدمت عليها الحكومة آنذاك، ينخرط عبد الله في خدمة الاحتياط كضابط في الجيش، يعود بعدها إلى مطار البصرة حتى عام 1941. ثم ينتقل إلى بغداد للتدريس في الاعدادية المركزية لغاية أيلول 1943. وتسنح الفرصة له مجدداً في التمتع ببعثة دراسية لنيل شهادة الدكتوراه في جامعات الولايات المتحدة عام 1944 وتمكن بفضل موهبته العالية من انجاز المهمة عام 1946. فيعود إلى العراق لتدريس اختصاصه في دار المعلمين العالية. دورة تأسيس منتدى (الرابطة) الثقافي سبقت الاشارة إلى ان عبد الجبار عبد الله، كان من بين الأسماء التي اسست (جمعية الرابطة الثقافية في العراق). ولابد من التوقف عند هذه المحطة المضيئة في تاريخ عبد الله وجهده الفكري والعلمي منها.بدأت فكرة تأسيس هذه الجمعية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وعلق مؤسسو الجمعية آمالاً على انتصار الديمقراطية بمفهومها السياسي والاجتماعي في المحيط العربي، في تلك الاجواء فكر عبد الفتاح إبراهيم في تأسيس الجمعية، ولعل ذلك سيكون نواة حزب سياسي راديكالي فيما بعد. واعلن عن تأسيسها في كانون الأول 1943، وضمت قائمة المؤسسين إلى جانب إبراهيم، خدوري خدوري، مخلف العبيدي، جمال عمر نظمي، حازم نامق، جميل عبد الله، فضلاً عن عبد الجبار عبد الله، وناظم الزهاوي ومحمد توفيق حسين، وفاضل حسين وكامل قزانجي. وعبد القادر اسماعيل البستاني.اختلفت توجهات أعضاء الرابطة المؤسسين الفكرية والسياسية، بين اليمين والوسط واليسار. إلا ان القاسم المشترك الذي كان يجمع هؤلاء، هو الهدف في اشاعة الثقافة الديمقراطية، وتشجيع النشاط العلمي والاجتماعي. فكان عبد الجبار عبد الله من انشط أعضاء مجلة الرابطة الشهيرة والمهمة. وعملت تلك المجموعة الشبابية النشيطة باكثر من اطار لتأكيد توجهاتها الثقافية الديمقراطية والتقدمية. دون ان تكون لها طموحات سياسية، وان كان عبد الفتاح إبراهيم قد دخل اللعبة البرلمانية، حين أسس حزب الاتحاد الوطني في مرحلة لاحقة من عام 1946، إلا ان توجهاته واهدافه ظلت تدور في ذات الإطار الفكري.ضمت الرابطة كذلك عدداً مهماً من الشباب المثقف في العراق، نذكر منهم على سبيل المثال: طه باقر، كوركيس عواد، عزيز شريف، حسين جميل، جواد هاشم. ولابد لمثل هذا التجمع ان يترك بصماته على الحياة الثقافية العراقية امتد إلى خارج العراق، بعد ان توسعت نشاطاتها، من خلال المناقشات والمحاضرات وتشكيل لجان التأليف والنشر، وتأسيس مكتبة خاصة بها، ثم تأسيس شركة للطباعة هي (مطبعة الرابطة). التي احتلها انقلابيو 8 شباط 1963، وتؤول ملكياتها إلى الدولة فيما بعدباسم دار الجماهير للطباعة انصرف عبد الجبار عبد الله إلى اهتماماته العلمية، وهو يخوض تجربة سكرتارية تحرير مجلة الرابطة. الا ان ذلك لم يمنعه من الكتابة في موضوعات فكرية واجتماعية، تعطي بوضوح مدى تبلور الوعي الوطني والتوجهات الديمقراطية والاشتراكية لديه. كما اتسمت برؤية خاصة في فهم الديمقراطية والمجتمع. وعلى الرغم من اختلافه مع آراء وافكار بعض مؤسسي (الرابطة) كعبد الفتاح إبراهيم، إلا انه ظل وفياً لتلك الجماعة غير بعيد عنها. ئاسته لجامعة بغداد شغل عبد الجبار عضوية مجلس جامعة بغداد منذ بداية تأسيسها، وكان وجوده في المجلس فاعلاً ونشيطاً وحينها كان الدكتور متي عقراوي اول رئيس للجامعة الذي احيل على التقاعد عقب ثورة تموز 1958 فتحول وكيله عبد الجبار إلى منصب الرئاسة من الناحية الفعلية. وامين عام لها حتى شهر شباط 1959 إذ صدر مرسوم جمهوري باناطة مهمة الرئاسة إليه، بعد تنافس شديد مع شخصية علمية أخرى هي (الدكتور عبد العزيز الدوري).
    تسلم عبد الله مسؤولية الجامعة، في أوضاع سياسية محتدمة، مثلما احتدم الجدال والنقاش في الأوساط السياسية والعلمية حول المرشح لرئاسة الجامعة آنذاك.ولعل من الطريف ان نشير إلى رأي الفريق نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة بعد تموز 58 ـ يرويه المؤرخ خليل إبراهيم حسين ـ حين اعترض على ترشيح عبد الجبار عبد الله باعتباره ينتمي إلى الطائفة (المندائية) فرد علي احمد محيي الدين وزير الداخلية بالقول: (نريد إماما للجامعة، لا إماما لجامع يؤم المصلين).وكان رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم، قد حسم مسألة الاختيار على أساس موضوعي ومتجرد وغير منحاز، من منطلق معرفته الأكيدة بكفاءة عبد الجبار ومنجزه العلمي وموهبته النادرة، حين رد بالقول: ان الثورة لا تفرق بين مذهب، ومذهب، ودين وآخر، بل جاءت لوضع كل انسان عراقي مهما اختلف دينه وقوميته، وشكله في المحل المناسب.ويرى العديد ان سمعة عبد الجبار عبد الله العلمية العالمية، وكفاءته العلمية، وصفاته الأخلاقية، واستقلالية تفكيره، ومنهجيته الصارمة والدقيقة كانت كلها عوامل أهلته لان يحتل هذا الموقع بجدارة وإخلاص. وخلال توليه هذه المسؤولية، قدم الكثير من أجل بناء وتطوير هذا الصرح العلمي، على الرغم من قصر الفترة التي تسنم فيها رئاسة الجامعة.آراؤه التربوية وفلسفته تقوم فلسفة عبد الجبار عبد الله، على الايمان بدور العلم في تطوير الحياة البشرية. ايماناً مطلقاً، إذ يرى ان خير مقياس لتقدير تقدم المجتمع، هو مقدار ما ينتجه ذلك المتمتع من البحوث العلمية. ويؤكد هذه الحقيقة في حديثه عن العلاقة بين العلم والمجتمع بقوله: البلد المتأخر هو ثقافة متأخرة، والثقافة هي، جميع الطرق للعمل أو التفكير التي تعلمها الناس في تاريخهم الحافل بالتطور. ولأن المجتمع (أي مجتمع) لا يمكن ان يعيش بمعزل عما يجري من حوله من تطورات علمية في مختلف صنوف الحياة. فلابد له من مواكبة التطورات التي تجري من حوله. ويرى ان الجامعة باعتبارها المؤسسة العلمية الأولى يمكن لها ان تأخذ بيد المجتمع في التقدم بعد ان عرفت واجباتها نحو المجتمع.ويقترح عبد الله مشروعاً تنموياً لتحقيق هذا الغرض. لكي تقوم بهذا الواجب الاجتماعي الكبير. فلابد لها من ان تنشئ لها كياناً وتقاليد خاصة بها تميزها عن سواها بثوابت لا يمكن الحياد عنها يأتي في مقدمتها: خلق العرف الجامعي، تفعيل دور الجامعة، الايمان بقدرات الاجيال الجديدة، الحرية الأكاديمية الفكرية، وأخيرا استقلالية الجامعة. وأكد الشرطين الاخيرين في أكثر من مناسبة. بالقول: ان الحرية الأكاديمية لا تأتي بالرغبة المجردة، ولا تتحقق بالنية وحدها، بل لابد من ممارستها امداً. ولابد من التوصل إليها بالتجربة المضنية الطويلة. اما استقلالية الجامعة، فكانت متأصلة في فكره، ظل يعمل من اجلها، بتحديد مضامينها وأساليب تطبيقها، لكي تكون جزءاً من طباعنا، مستقراً في دواخلنا. ادراكاً منه بالترابط الوثيق بين الاستقلال الوطني واستقلال الجامعة. والاقرار بحتميتهما. ومن اللافت للنظر كما يشير المؤلف، كثرة استعاراته اقوال الفلاسفة وكبار رجال الفكر، في احاديثه ونقاشاته. إذ يستعين بحكمة الفيلسوف الصيني (كونفوشيوس)، وطروحات (غاليلو) وكتابات الفيلسوف (بيكون)، أو العودة للأساطير القديمة، والموروث الثقافي العربي والاسلامي، وتاريخ العراق القديم والحديث. ومحاولته استخدام قصص الخيال العلمي. وجميعها تشير إلى سعة اطلاعه وثقافته العامة، وعمق تفكيره. فضلاً عن تمتعه برؤية ثاقبة للإدارة التربوية الناجمة.عمله في مجال الطاقة الذرية حرص عبد الجبار عبد الله على امتلاك العراق لمصادر الطاقة الذرية للاغراض السلمية في الفترة التي شغل فيها منصب نائب رئيس لجنة الطاقة للفترة من 1958 ـ 1963، وتعد هذه المدة من اغنى المراحل التاريخية في الحصول على المعلومات المهمة في مجالات استخدام الطاقة في مختلف الفروع العلمية. لاسيما وان اهتمام العراق في هذا الميدان جاء متأخراً بعض الشيء، وقد اتاحت له تجاربه السابقة خلال دراسته، التعرف على الكثير من اسرار الطاقة الذرية، وتشير احدى المخطوطات المحفوظة لدى زهرون دهام (من عائلة عبد الله). ان الرئيس الأميركي هاري ترومان قلده وسام (مفتاح العلم) تقديراً لجهوده العلمية المتميزة في هذا المجال. وهذا الوسام كان يمنح إلى كبار العلماء المتميزين في عطاءاتهم العلمية. ثابر عبد الجبار بكل جد وإخلاص في خدمة بلاده في هذا الميدان، وقدم العديد من الاسهامات والبحوث والدراسات، وترجم الكثير من المصادر، فضلاً عن دوره في اختيار الموقع المناسب لبناء الفرن الذري للبحوث في بغداد. مواقفه الوطنية الدكتور عبد الجبار عبد الله، الذي بلغ الواجهة، ونال شهرة علمية واسعة، كان بديهياً ان يساق إلى ساحة الاتهامات رغماً عنه، محسوباً على اليسار العراقي في ذروة امتداده بعد تموز 1958، ودفع ثمن هذا الاتهام ان صح التعبير باحالته على التقاعد عام 1963 بعد انقلاب شباط، الذي لم يكتف مديروه بهذا الاجراء فقط انما دفعوا به إلى زنزانات الاعتقال والتعذيب، شأنه شأن العديد من الكفاءات والعلماء التي طالتها يد الجريمة والقتل من الجهلة والمتخلفين. ولابد من تأكيد حقيقة واحدة فقط تتعلق بانتماء هذه الشخصية المرموقة فتكاد كل الوثائق والمعلومات تجمع على عدم انتمائه لأي حزب سياسي، بل كان ديمقراطي النزعة، تقدمي التفكير متنوراً إلى ابعد الحدود، هاجسه الوطني دائماً هو خدمة وطنه العراق، مؤمناً بالحرية، واحترام الآخرين، وبسبب مواقفه الجريئة والصريحة، تعرض إلى الأذى، والملاحقة، فقرر مغادرة الوطن بعد ان أطلق سراحه عام 1963، والعودة مجدداً إلى الولايات المتحدة، وظل يحمل العراق في قلبه وعيونه، فكان دائم الحنين اليه بالرغم من القسوة والجفاء اللذين ذاق مرارتيهما وهو يمنحه خلاصة فكره وعلمه.فمات بعيداً عنه في التاسع من تموز 1969 ليعود إليه تابوتاً من خشب الساج.في الختام لابد من الاشادة بالجهد الكبير الذي قدمه الدكتور ستار نوري العبودي في تقصي حياة الدكتور عبد الجبار عبد الله وتتبع اثارة العلمية وتسليط الضوء على الكثير من الحقائق والاسرار التي رافقت حياته، وهو محاولة نأمل لها ان تكسر الصمت الطويل لمؤسساتنا العلمية والثقافية لتعيد لذاكرة العراقي امجاد رموزه من العلماء والمفكرين.
    ------------------
    [right]

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 5:56 pm